*بقلم: #الدكتور محمد سعيد طوغلي
مؤسس ورئيس (نادى قرَّاء مجلة “الصين اليوم”) في الجمهورية العربية السورية / دمشق.
**الأكاديمي مروان سوداح – الأُردن.
شهدت الجمهورية العربية السورية بتاريخ (الإثنين، 25/3/2024م) حَدَثاً ثقافياً كبيراً على طريق تعزيز العلاقات السورية والعربية الصينية، تمثَّل بالإعلان المحلي عن تأسيس “نادي قرَّاء مجلة الصين اليوم في الجمهورية العربية السورية”، وهو النادي الذي سوف يُمثِّل إطلالة متميزة، إذ إنه المشروع الأول في تاريخ سورية، ولهذا يُعتبر هذا الوليد الجديد علامة واضحة على تعزيز العلاقات السورية – الصينية، في شتى المناحي، ولنشر موجه صوب الوعي الجماهيري بأهمية العلاقات السورية – الصينية.
هذا المشروع الذي رأى النور على الأرض السورية، غاية في الأهمية، ليس للمجلة فقط التي تُعتَبَر الوحيدة المطبوعة باللغة العربية في الصين، بل ولجمهور قرائها في سورية، فهنالك إجماع بأن هذا المشروع سوف يُثمر عن مزيدٍ من العمل الجاد لترسيخ اللُحمة النضالية والإعلامية والشعبية بين الأُمتين الصينية والسورية، وما بين العرب والصينيين كذلك.
وفي مواصلة الأعمال على هذا السبيل، سيتم ضم العديد من الشخصيات الاجتماعية والإعلامية والصحفية للنادي، وذلك كل مَن يخصه أمر العلاقات الاسترانتيجية مع الصين، وتطوير هذه العلاقات، وتعميق التعاون بين دمشق وبكين رسمياً وشعبياً وعلى صعيد شخصي كذلك.
الترابطات السورية الصينية
وعلى هذا الصعيد، لا بد لنا من التأكيد، ولو بإختصار، عن العلاقات السورية – الصينية التي تُعتبر موضوعياً مَعلَمَاً بارزاً يضرب بأوتاده في أعماق أعماق تاريخ سوريا والصين، وبين الصين والبلدان العربية دولاً وشعوباً، وفي هذا المِضمار لا بد لنا من التأكيد على الدور البارز الذي لعبه طريق الحرير الصيني القديم بين البلدين المتحالفين سوريا والصين، وذلك منذ أكثر من ألفي سنة، إذ إن هذا الطريق قد سلك كمختلف الدروب العربية أيضاً، فصار سبيلاً صائباً من الصين لتكريس الأُخوَّة في الصِلات مابين مختلف دول الشرق الكوني، التي تتشابه في كل يومياتها وعاداتها وتقاليدها ووعيها الثقافي والسياسي، ما يدفع بشعوب تلك الدول إلى تعميق متلاحق لكل أوجه الترابطات بين سورية والعرب عموماً من جهة والصين من جهة أخرى، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى يتم استيعابها إلى تكتل عربي شامل سنراه في قابل السنين، يعمل على حماية مشروع حضاري متَّسِع، بعيداً عن الغرب الجماعي وبعيداً عن كل ما يحمله هذا الغرب من ثقافات ومسلكيات تتناقض مع مثيلاتها في الشرق الأرضي.
وفي سياق تأسيسنا الأول لنادى مجلة “الصين اليوم”، من اللازم لنا في هذا المجال العودة للمراجع للتطرق للعلاقات السورية – الصينية، فهي، وكما تقول وتؤكد المراجع والوقائع المنشورة ضمنها الصينية والسورية، أن البلدين ينشطان ويعملان بلا توقف على ترسخ الصداقة الثنائية بين الشعبين والدولتين، وهنا نلمس بجلاء كيف أن هذه العلاقات التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ المكتوب والشفهي، تزيد على أرض الواقع فعالية العلاقات المتعددة الأوجه على الصعيدين الرسمي والشعبي بين الدولتين، اللتان ارتبطتا منذ الأول من آب – أغسطس عام 1956 بعلاقات دبلوماسية، حيث كانت سورية ثاني دولة عربية، بعد مصر، في أقامة جمهورية الصين الشعبية معها العلاقات الدبلوماسية.
في أكتوبر عام 1957 وصل إلى دمشق أول سفير صيني لدى سورية، تشن تشي فانغ، لتولي مهام منصبه؛ وفي نوفمبر من نفس العام بدأت سفارة سورية لدى بكين أعمالها. وفي يونيو 1965 توقف رئيس مجلس الدولة الصيني شو إن لاي بمطار دمشق، وهو في طريقه إلى أفريقيا، وكان في استقباله بالمطار الرئيس السوري حيث أجرى الزعيمان محادثات هامة. وفي سبتمبر من نفس العام، زار سورية نائب رئيس مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني شن يي. وكانت سورية إحدى الدول التي قدمت مشروع قرار إعادة الصين إلى مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة أثناء انعقاد الجمعية العامة السادسة والعشرين للأمم المتحدة.
وفي مارس عام 1986 أقام حزب البعث السوري علاقات حزبية ودية مع الحزب الشيوعي الصيني.
التعاون الممتاز بين الصين وسورية وضِعت اساساته منذ عهد بعيد، كذلك الأمر بالنسبة لهذه العلاقات في المحافل الدولية والإقليمية. تؤيد الصين جهود سورية لاستعادة الجولان المحتل وإقامة سلام شامل وعادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط. وتؤيد سورية موقف الصين في قضية “تايوان” وحقوق الإنسان الخ. منذ تولي السيد الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم، زاد الاهتمام السوري بتطوير العلاقات الودية مع الصين، ولهذا يشهد التبادل والتعاون بين البلدين زيادة وتوسعاً يوماً بعد يوم وإلى الآن. في مايو 1991 أقيمت في سورية جمعية الصداقة السورية الصينية. وفي مايو 1999 أقيمت جمعية الصداقة بين البرلمان السوري والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
وقد زار الصين في سنوات مطوية عدد من القيادات السورية: الأمين العام المساعد لحزب البعث عبد الله الأحمر (مايو 1998)، نائب رئيس سورية ونائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية محمد زهير مشارقة (ديسمبر 1998)، نائب رئيس الوزراء محمد ناجي العطري (2000)، الأمين العام المساعد لحزب البعث عبد الله الأحمر (إبريل 2001)، نائب الرئيس عبد الحليم خدام (مايو 2001)، الرئيس بشار الأسد (يونيو 2004)، نائب أمين عام حزب البعث عبد الله الأحمر (سبتمبر 2004).
كما زار سورية عدد من كبار المسئولين الصينيين: نائب رئيس مجلس الدولة وو بانغ قوه (مايو 1996)، نائب رئيس مجلس الدولة ووزير الخارجية تشيان تشي تشن (ديسمبر 1997)، رئيس اللجنة الوطنية للمجلس الوطني لنواب الشعب لي بنغ (إبريل 1999)، نائب رئيس اللجنة العسكرية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وعضو مجلس الدولة ووزير الدفاع الوطني تشي هاو تيان (أكتوبر 1999)، نائب رئيس الجمهورية هو جين تاو (يناير 2001)، وزير الخارجية تانغ جيا شيوان (ديسمبر 2001)، وزير الخارجية لي تشاو شينغ (يونيو 2005).
وخلال زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين في يونيو عام 2004 طرح الرئيس الصيني هو جين تاو ثلاثة مقترحات لتطوير العلاقات الصينية السورية، وهي:
أولاً، تعزيز التبادل السياسي بين البلدين. الحفاظ على تبادل الزيارات والاتصالات الرفيعة المستوى، توسيع التبادل الودي بين البرلمانين والحزبين وأبناء شعبي البلدين، توثيق التشاور والتنسيق بين البلدين والأجهزة الحكومية في البلدين حول القضايا الهامة والشؤون الدولية.
ثانياً، توسيع التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين. مع تواصل تحسين التعاون بين البلدين في المرافق الأساسية والغزل والنسيج والأجهزة الكهربائية المنزلية، إبراز تفوق البلدين المتكامل، واستكشاف مجالات تعاون جديدة، وتعزيز التعاون في البترول والاتصالات والزراعة والعلوم والتكنولوجيا، الخ بين البلدين.
ثالثاً، دفع التبادل والتعاون بين البلدين في التعليم والثقافة والسياحة والصحة. تعزيز المعرفة والصداقة بين الشعبين، لإرساء أسس راسخة لتطوير العلاقات بين البلدين.
نبذة سريعة ومختصرة عن العلاقات الاقتصادية والتجارية
في المواد الإعلامية المنشورة نقرأ عن أن التبادل التجاري بين الصين وسورية بدأ منذ زمن بعيد، حيث وصل طريق الحرير القديم المشهور دمشق وتدمر في سورية. وقعت الصين وسورية كثيراً من اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري، من أهمها: اتفاقية التجارة والدفع (ديسمبر 1955)، اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي (فبراير 1963)، اتفافية التجارة (1972)، اتفاقية التجارة الطويلة المدى (1982)، اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار (1996)، اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي (2001)، اتفاقية منع الازدواج الضريبي (مارس 2003) الخ.
أسست الحكومتان الصينية والسورية لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، عقدت في وقت سابق دورتين (إبريل 1995، يونيو 2004).
منذ بداية العلاقات الثنائية السورية الصينية، ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين وسورية كثيراً. في عام 2003 كان حجم التبادل التجاري 94ر506 مليون دولار أمريكي؛ ارتفع إلى 57ر720 مليون دولار أمريكي في عام 2004.
العلاقات الثقافية
حققت جهود الحكومتين الصينية والسورية الهادفة إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي وإيجاد الآليات المناسبة لذلك نجاحاً كبيراً، فقد وقع البلدان أول اتفاق للتعاون الثقافي بينهما في 18 مارس عام 1965، وتبع ذلك توقيع العديد من البرامج التنفيذية للاتفاق الثقافة. ويتضمن البرنامج التنفيذي 2005-2008 التعاون في مجالات التعليم والتعليم العالي والثقافة والفن والسينما والآثار والمراكز الثقافية والمكتبات والموسيقى والنشر والفنون الجميلة وحقوق الملكية الفكرية، وتشجيع إقامة الندوات والدورات التدريبية والمؤتمرات العلمية والمهرجانات والأسابيع الثقافية والسينمائية والمسرحية والمعارض الثقافية.
تم توقيع أول اتفاق تعاون بين اتحاد الكتاب الصينيين ونظيره السوري في الثاني من نوفمبر عام 1983. ومع تطور التبادل الثقافي الصيني العربي، اختار اتحاد الكتاب العرب، ومقره دمشق، 105 روايات عربية لأدباء عرب في القرن العشرين لتولى ترجمتها ونشرها دار المعارف العالمية للنشر ببكين، وبالفعل تمت ترجمة ونشر 14 رواية منها.
وفي الفترة من التاسع عشر إلى السادس والعشرين من يونيو عام 2004، خلال زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين أقامت وزارتا الثقافة للبلدين وسفارة سورية لدى بكين أسبوعا للثقافة السورية يضمن العديد من المعارض والعروض الفنية لفرقة إنانا السورية.
ومن أجل إحياء الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسورية أقامت سفارة سورية لدى بكين بالتعاون مع فرع الصين لاتحاد الطلاب السوري وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين معرضا للثقافة والفن السوري في الفترة من الثالث والعشرين إلى الخامس والعشرين من مايو 2006. وبهذه المناسبة أيضا أقامت سفارة سورية لدى بكين حفل استقبال في الثلاثين من يونيو هذا العام ألقى خلاله كل من سفير سورية محمد خير الوادي ومساعد وزير الخارجية الصيني خه يا في كلمة كل على حدة، وقدم الطلاب الصينيون والسوريون عروض غناء ورقص صيني وسوري تجسيدا للصداقة والتفاهم بين البلدين.
في تأسيس (نادي قراء مجلة الصين اليوم في الجمهورية العربية السورية)، شهادة من وطننا الحبيب سورية ونقلة شعبية جديدة ونوعية في توثيق العلاقات مع الصين، ولإطلاع المزيد بخاصة الشباب على الصين والعلاقات الصينية – السورية، إذ يُعتبر المنتدى الذي نحن بصدده أحد ثمار الصداقة والتحالف بين الدولتين والشعبين، ولتمكين متواصل في شتى المناحي للصداقة الخاصة والودية والأخوية بين سورية والصين، مايُسهم بلا أدنى شك في تعلّم وفهم لغة وثقافة الدولتين شعبياً، ويساعد في تسهيل التفاهم المتبادل وتنمية الصداقة الدائمة بين شعبي البلدين، وهو قد أُفضى إلى تمكين الطلاب في البلدين من زيارة البلد الآخر، في مسيرة لفهم وإدراك أعمق وأشمل للصين الاشتراكية، وليشاركوا في رؤية واقعية ومتعددة الأبعاد وبانورامية للصين، وهو ما سوف يضاعف عديد الأصدقاء الصينيين لسورية وللصين من البلدين الصديقين ومن غيرهما أيضاً، وكذلك سيعمل على تعظيم المبعوثين من البلدين لبعضهما البعض لتوريث وتنمية الصداقة الهادفة بينهما، ولمساهمتهما الواقعية والفعلية في تعزيز متواصل لعرى الصداقة والتعاون، وصولاً إلى بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وهو ما يدعو إليه الرفيق العظيم شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، بهدف تقديم المزيد من الايجابيات في شتى الحقول لمن يحتاج إليها.
يتبع .