الدكتور محمد العبادي
النظرية السياسية في الخطاب السياسي المعاصر
إن العناية بالسياسة ومحاولة تعرف مذاهبها، واستطلاع أسرارها، هي طابع هذا العصر الحافل بالأحداث العظام والخطوب الفوادح، والذي تعاني فيه الإنسانية أزمة من أعنف الأزمات، وتبذل جهودًا مضنية، وتقاسي ألمًا مريرًا، وقد تسلطت السياسة على العقول، وتغلغلت إلى كل منحى من مناحي الحياة، والعدالة التي ننشدها ونحتمي بها واستتباب الأمن أو اضطراب حبله في أيام السلم، وإثارة الحروب وما ينشأ عنها من تدمير وتخريب، ومدى ما يسمح لنا به من حرية في العمل أو في القول، وسائل مقومات حياتنا، وأسس وجودنا، أصبحت كلها تتأثر بالسياسة وتتلون بلونها .
وهنا تأتي أهمية النظرية السياسية في الخطاب السياسي المعاصر مع الأخذ في الاعتبار بعدها التقليدي والمعاصر. في حين أن الطريقة المستخدمة في الدراسة هي تحليل محتوى المصادر الثانوية في الغالب ، إن النظرية السياسية. كشفت النتائج الهامة التي تركز على تاريخ الفكر السياسي من المنظرين اليونانيين القدماء حتى الوقت الحاضر من خلال النظر في الجوانب التاريخية والفلسفية والمؤسسية والقانونية المختلفة للسياسة. من ناحية أخرى ، تركز النظرية السياسية المعاصرة على تطوير المفاهيم واللغة بالإضافة إلى نشر العلاقات والدفاع عن المنهجية التي تسمح باختبار الادعاءات حول كيفية تحول العالم السياسي الذي ينعكس على الظاهرة والعمليات والمؤسسات السياسية وعلى السلوك السياسي الفعلي بإخضاعه لمعيار فلسفي أو أخلاقي. وهكذا ، تؤدي النظرية السياسية ثلاث وظائف رئيسية تشمل وصف الظاهرة السياسية ، والنقد الاجتماعي ، وإعادة بناء النظام السياسي من خلال افتراض الأفكار والرأي. وتهتم بشكل أساسي بالمشكلات الأساسية للدولة مثل حقوق وواجبات المواطنين ، والعلاقة بين المواطنين والدولة ، ودور المجتمع المدني في كيان منظم . بمعنى آخر ، يركز بشكل أساسي على وصف ما هو صواب وما هو خطأ ، وما هو خير وما هو شر ،
لهذا، فإن فكرة المجتمع حسن التنظيم تعتبر فكرة طوباوية و مثالية في شكلها الأقصى، إن المجتمع الحسن التنظيم الذي يقبل كل أعضائه العقيدة الشاملة ذاتها، هو مجتمع مستحيل الوجود في واقع التعددية المعقولة، و قد يحدث أن يظهر خطر وجود تباين بين الدوافع الحقيقية للافراد و احترام مبادئ العدالة ، وهو الشيء الذي يستدعي لا محالة ما يسمى بالتربية الأخلاقية، بقصد توفير الحوافز الناقصة، ان الناس الذين يتصرفون وفقا لمبادئ العدالة يتصرفون باستقلالية، ووفقاً للمبادئ التي تعبر بالطريقة الأفضل عن طبيعتهم ككائنات أخلاقية و عقلانية إنّ ” التربية الاخلاقية هي التربية من أجل الاستقلالية الذاتية”.