إعداد: الأكاديمي مروان سوداح. مسيحي وناشط كنسي.
في تحرك لم يكن متوقَّعَاً من رئاسة حاضرة الفاتيكان الواقعة ضمن دولة إيطاليا، لم ينتظر أحداً في العالمين العربي والإسلامي، بل وفي الكرة الأرضية برمتها، أن يُصحِح الفاتيكان سياسته جذرياً بإعلانه عن عروبة فلسطين التاريخية، وعدم أحقية اليهود فيها.
يَرى البعض أن انقلاباً تاريخياً ودينياً من أعلى سلطة مسيحية في العالم لم يكن مُنتظراً البتة، لاسيّما في ظل الوقائع السياسية والاحترار الحالي في منطقة “الشرق الأوسط”، إذ غدا الفاتيكان، فجأة، يُنَاصِر وعلى الملأ الحقائق التاريخية الموثَّقَة عالمياً، والتي تتحدث بمباشرةٍ وجهوريةٍ ومنذ عهد بعيد عن أن فلسطين عربية فلسطينية.
كان الفاتيكان حتى هذه اللحظة يَبتعد عن التدخل السياسي المباشر في قضايا منطقتنا والعالَم، وغالباً كان يلتزم الصَمت إتجاه حروب الإبادة الجماعية التي شنَّها وَمَا زَال يَشنها الكيان الصهيوني على شعب فلسطين الأعزل ودول عربية بغية تهويد فلسطين وصهينتها بأكملها بيهود يتم استيرادهم من مختلف الدول، وصولاً من الكيان إلى جَر الدول العربية إلى مواجهات حارة بدعم غربجماعي لتل أبيب، يكون وسيلة لإضعاف القوى العربية وشل قدراتها العسكرية وغير العسكرية أيضاً.
لكن، لم نرَ حتى في أحلامنا، نحن كمسيحيين وعرب، ولم نسمع يوماً وحتى اللحظات الحالية، أن “بابا الفاتيكان” وقياداته، يقفون ولو بالكلام والتصريحات لاسيَّما في الظروف الحالية المُعَقَّدة، إلى جانب شعب فلسطين وأحقيته التاريخية، الموثقة، في أرض وطنه التاريخي فلسطين.
ما تحدث به وأعلن عنه البابا الحالي للفاتيكان ينسِف ويُلغي ما قام به اليهود والصهاينة على مدار عشرات عشرات السنين المَطوية من ترويج لإكاذيب وخرافات تُنسب للتوراة، وتوظيفها اليومي والعالمي بهدف استرقاقي هو إحتلال أرض فلسطين الطاهرة، وللسيطرة عليها بخرافاتٍ وفبركات يهودية وصهيونية سبق وسقطت، وتم تعريتها تاريخياً ودينياً في مختلف المحافل الدولية التي تتمسك بالعلمية والموضوعية في تقييم القضابا السياسية.
نقرأ في الأخبار الواردة من مختلف وسائل الإعلام والدول، ومن الفاتيكان ذاته، أنه وبعد دعوة “الكرسي الرسولي” إلى إجتماع رؤساء كنائس “المَجْمَع الكَنَسِي الأكليروسي المُقَدَّس” إلى جلسة خاصة غير عادية ولمدة أسبوعين، وذلك بناء على طلب من الفاتيكان ذاته، خرج المجلس بعدة قرارات تاريخية في غاية الأهمية للكنيسة الكاثوليكية، والتي يصل أعداد أتباعها البالغين إلى 1.5 مليار مسيحي في العالم، حيث دعا “المَجْمَع الأكليروسي المُقدَّس” المُكوَّن من قيادات ورئاسات الكنائس المسيحية في إعلان البيان إلى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية .
وإلى ذلك أيضاً، ضرورة الإعلان بشكل واضح وصريح وَبَنَّاء: “بِ عدم أحقية اليهود على أرض فلسطين”، ونفى عنهم أحقية الأرض الموعودة، ويؤكد الإعلان أحقية الفلسطينين لإرضهم التي يعيشون عليها منذ 1600 سنة .
هذا الإعلان أيضاً تطرَّقَ إلى ضرورة، بل ولزوم عدم إقحام “الكتاب المقدس” في تلك الإدعاءات والخلافات السياسية، وأكد الإعلان على أنه “لا يحق لأحد إستخدام الكُتب المُقدَّسة فيما يُسَمَّى عودة اليهود إلى فلسطين المحتلة” .
وفي الأخبار الكنسية تمت الإشارة إلى إعلان البيان الختامي لقرارات المجلس قدَّمها رئيس كنيسة “الروم الملكيين الكاثوليك” في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جاء في هذه الإشارة إلى: إنه بالنسبة لنا، من الواضح أنه لا يمكن إستخدام مفهوم “أرض الميعاد” كأساس لتبرير عودة اليهود إلى “إسرائيل”، وتهجير الفلسطينيين بعد أن تم إستجلاب 4 إلى 5 ملايين يهودي، وطَرد 3 إلى 4 ملايين فلسطيني من أرضهم التي عاشوا فيها منذ 1400 إلى 1600 عام. إنها مسألة سياسية بحت، لكن مبررات إحتلال “إسرائيل” لأرض فلسطين لا يمكن أن تستند إلى الكتب المُقَدَّسة المُوجَّهَة إلى فلسطين ولتبرير عودة اليهود إلى “إسرائيل”
…//…..