الدكتور محمد العبادي
الاستثمار والبيئة
إن تشجيع النشاط الاستثماري دون مراعاة الجانب البيئي يؤدي إلى الإضرار بعناصر البيئة، وبالتالي اختلال التوازن الإيكولوجي .
وكذلك تقييد النشاط بتدابير تهدف إلى حماية البيئة يؤثر سلباً على هذا النشاط والذي يؤدي إلى تراجعه، الأمر الذي ينجم عنه سقوط اقتصاد الدول. لذا سعت جهودنا للإستثمار لمحاولة خلق توازن بينهما من خلال وضع آليات للتوفيق بينهما ،
وبما أن مسألة التوازن تحتل بين الاستثمار والبيئة مكانة جدّ هامة في القانونين الدّاخلي والدّولي. فمجموع الجهود القانونية لمنظمة الأمم المتحدة وأغلب النصوص القانونية الداخلية للدّول الأعضاء، تقيّد حرية الاستثمار وخلق الثروة بتدابير حماية البيئة. ولذلك تبنى إعلان ريو بالبرازيل سنة /1992/ فكرة التنمية المستدامة وأسس معايير جديدة لحماية البيئة مثل مبدأ الحيطة، مبدأ الوقاية، الملوث الدافع…الخ. ولكن يمكن لهذه المقاربة أن تعرقل الاستثمار، هذا ما يدفعنا للبحث عن التوازن الحقيقي بين الاستثمار والبيئة. اليوم، بعد الجهود الكبيرة التي عرفها المجتمع الدولي، إنّ دراسة الوسائل والآليات القانونية للتوفيق بين الاستثمار والبيئة تحيلنا إلى دراسة الآليات سابقآ والآليات لاحقاً ،
ولذلك يعد تحرير النشاط الاستثماري من ضرورات مراعاة الأبعاد البيئية وإلا سيكون سبباً في هتك الموارد الطبيعية تلبية لاحتياجاته، وسبيلاً للإضرار بالعناصر البيئية التي ستتلقى مخلفاته، وبالتالي سيعكس التسابق في الإخلال بالتوازن الإيكولوجي و المساس بالعدالة البيئية. كذلك تقييد النشاط الاستثماري بالإجراءات الصارمة والتدابير المكلفة الرامية إلى ضمان حماية البيئة، سيؤثر على فعالية هذا النشاط وسيؤدي إلى تراجعه، الأمر الذي سيخلف انخفاض في مستويات التنمية وتراجعاً للاقتصاد. لذلك كان العمل على ضبط علاقة الاستثمار بالحماية القانونية للبيئة مع محاولة البحث في تحقيق تكامل وموازنة بينهما محل هذه الدراسة، التي تم السعي من خلالها إلى تسليط الضوء أولا على الجهود الدولية الفاعلة في توطيد هذه العلاقة، ثم الانتقال إلى محاولة توضيح علاقة التأثير والتأثر بين الاستثمار وإجراءات حماية البيئة. وباعتبار أن الحاجة لكليهما كانت أحد أهم الأهداف المسطرة دولياً .