
الدكتور محمد سعيد طوغلي

مع تزايد الأعباء الاقتصادية والمشكلات المعيشية التي يواجهها الشباب في العديد من المجتمعات حول العالم، بما في ذلك بيئتنا السورية، تتنامى ظاهرة الوفيات بين الفئات الشابة. هذه الوفيات ليست فقط نتيجة لحوادث أو أمراض بل أصبحت تحمل معها أبعاداً نفسيةً واجتماعيةً عميقة، إذ يتأثر هؤلاء الشباب بضغوط العصر والرغبة في التوفير لمستقبل مستقر.
يواجه الشباب صعوبات جمة في الادخار للزواج أو لشراء البيت، حيث أصبح تحقيق هذه الأهداف شبه مستحيل في ضوء الواقع المعيشي المتدهور. الدخل المحدود وغلاء المعيشة يجعلان من الصعب بمكان أن يضع الشباب خططاً طويلة الأجل.
إن الزواج وامتلاك المنزل يعتبران من المرتكزات الأساسية للاستقرار الاجتماعي والعاطفي للفرد، لكن مع التحديات الراهنة، والتي بالكاد يستطيع الشاب تأمين طعامه وشرابه ،
هذه الأهداف أصبحت صعبة التحقيق، مما يخلق حالة من اليأس والشعور بعدم القدرة على الوفاء بالتوقعات الشخصية والمجتمعية.
فالخوف من عدم القدرة على توفير مستقبل مستقر أو الوصول إلى الأمان الوظيفي يؤثر على الشباب نفسياً وجسدياً. هذه الضغوط قد تؤدي إلى حالات من الاكتئاب، القلق، وفي أسوأ الأحوال إلى الإقدام على أفعال متهورة.
وأيضاً سوء المعيشة للمواطن السوري والآثار النفسية في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني والانقطاع الطويل للكهرباء ونقص الغاز .
حيث يعاني الشعب السوري منذ سنوات طويلة أوضاع معيشية صعبة بسبب الحرب المستمرة وتداعياتها على الاقتصاد والبنية التحتية.
المواطن السوري اليوم يعيش في ظروف قاسية تتمثل في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وانقطاع طويل للكهرباء، ونقص في إمدادات الغاز والمازوت، مما يزيد من معاناته ويؤثر سلباً على حياته اليومية وصحته النفسية.
إن أحد أبرز المشاكل التي يواجهها المواطن السوري هو ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ على جميع السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء والمحروقات. هذا الارتفاع يجعل من الصعب على الأسر السورية تلبية احتياجاتها الأساسية وضمان حياة كريمة لأفرادها. بالإضافة إلى ذلك، يتسبب هذا الارتفاع في زيادة نسبة الفقر والتشرد بين السكان، مما يزيد من حجم المعاناة والبؤس .
إلى جانب ذلك، يُعتبر انقطاع التيار الكهربائي المستمر من أبرز المشاكل التي تؤثر سلباً على حياة المواطن السوري. فالانقطاع المستمر للكهرباء يؤدي إلى تعطيل عدة قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والصناعة، مما يزيد من صعوبة الحصول على خدمات أساسية ويقلل من فرص التطور والنمو الاقتصادي.
أما نقص إمدادات الغاز، فهو يجعل من الصعب على المواطنين تدفئة منازلهم في فصول الشتاء الباردة، مما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على صحتهم ورفاهيتهم. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي نقص الغاز إلى تأثير سلبي على قدرة المواطنين على طهي الطعام وتحضير وجبات صحية لأسرهم.
إن تلك الظروف القاسية التي يواجهها المواطن السوري تؤثر بشكل كبير على حالته النفسية، حيث يشعر بالإحباط والضيق نتيجة لصعوبة الحياة وقلة الامكانيات. كما يزداد شعوره بالعجز والضعف أمام هذه التحديات المستمرة، مما يؤدي إلى زيادة حالات التوتر والقلق والاكتئاب والوفات بين السكان.
أمام هذا الواقع، يقع العبء على الحكومات والمؤسسات المجتمعية لإيجاد طرق تحفز الشباب وتدعمهم في تحقيق طموحاتهم وخلق بيئة محفزة تقدم لهم الأمل في الغد.
يجب السعي نحو حلول مستدامة من شأنها تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتوفير بيئة تتسم بالأمن والأمان للشباب. من المهم إيجاد برامج تشغيلية واقتصادية واجتماعية تساعد الشباب على تجاوز المحن وتعزيز مرونتهم لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
يجب على المجتمع الدولي والجهات المعنية بحقوق الإنسان أن تضغط لإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلات التي تواجه الشعب السوري، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية ودعم إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة، بالإضافة إلى تشجيع التسوية السلمية لإنهاء الحرب وإعادة بناء سوريا على أسس قوية تضمن حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع .
الوضع يتطلب تعاوناً وتضامناً مجتمعياً ودولياً للعمل على تعزيز صمود الشباب وتعزيز سُبل العيش الكريم لهم. معا يمكننا العمل على تحسين هذه الأوضاع ومنح هذه الفئة الهامة من المجتمع، وهي الشباب، الثقة والدعم لبناء مستقبل أفضل.